أثارت الوحدة بين أبناء حارات الشام المتخاصمة في الحلقة الأخيرة من مسلسل "باب الحارة 3"، الذي عرض حصريا خلال شهر رمضان على mbc، أمنيات كبيرة لدى المواطن الفلسطيني برؤية فصائله متحدة تجاه مصلحة الوطن، متناسية خلافاتها، كما تناساها أبناء حارة الضبع وحارة أبو عرب، بعدما اتحد "سمعو" مع "صبحي"، وتكافل أبو النار مع أبو شهاب ضد الاحتلال الحقيقي الذي شكل خطرا عليهم.
مراسلة موقع mbc.net في غزة رصدت ردود الأفعال على الحلقة الأخيرة من مسلسل "باب الحارة"، وما أثاره اتحاد حارات دمشق ضد المحتل، وترفّعها عن الخلافات الجانبية، من شجون داخل نفوس الفلسطينيين، بعدما ذكرهم بالخلافات الحادة بين فصائلهم السياسية.
ويبدو أن المشاهد الفلسطيني تابع المشاهد الأخيرة من المسلسل بعين مختلفة عن عيون باقي المشاهدين العرب، إذ رأى في الحارات المتناحرة، فصائله المتخاصمة، وشاهد في أبطال المسلسل المتشاكسين، قادته المختلفين، وعاين في لحظات السمو فوق الجراح وتناسى المصالح الذاتية من أجل المصلحة العامة، مستقبلا يتمنى أن يراه قريبا على أرض الوطن.
وكانت الحلقة الأخيرة من "باب الحارة3" قد شهدت لحمة بين الحارات المتحاربة وأبطال المسلسل المتخاصمين في وجه الاستعمار الفرنسي.
المسرح الفلسطيني حاضر
من جانبه، رأى الدكتور "عبد الخالق العف" الأديب والأستاذ الجامعي الفلسطيني، أن مسلسل "باب الحارة" يعالج أحداثا ومواقف تتقاطع إلى حد كبير مع ما يجري حاليا في المسرح الفلسطيني.
وقال العف، الذي أكد أنه كان من متابعي المسلسل، إن الوحدة التي تجسدت بين أبناء الحارات ضد الاحتلال، جعلته يتمنى أن تتجسد الوحدة ذاتها بين أبناء فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد أن "الدراما الجيدة"، لها القدرة على معالجة كثير من المشاكل المجتمعية والسياسية، خاصة أنها تعمل على تحريك المشاعر لدى الإنسان، داعيا المؤسسات الفنية والإعلامية إلى الاهتمام بمثل هذه الدراما التي ترتبط بالهوية الفلسطينية والأصالة والشرع.
فيما أشار محمد الإفرنجي -شاب فلسطيني- إلى أنه دعا الله عز وجل، وهو يتابع أحداث الحلقة الأخيرة من "باب الحارة 3" أن يرى المشاهد الملحمية التي تابعها، قد تكررت على أرض فلسطين، وأن تتكاتف الفصائل الفلسطينية المتخاصمة، على أرضية القواسم المشتركة، تحقيقا للمصلحة الوطنية العليا.
وقال "كم تمنيت أن تتجسد الوحدة بين أبناء فلسطين، وأن نتجاوز الخلافات كافة، خاصة أن الاحتلال ما زال موجودًا على أرض فلسطين، وأن الانقسام لا يصب لصالح المصلحة الوطنية".
وعزا الإفرنجي قدرة أبناء باب الحارة على الوحدة، إلى تدخل "العقلاء" منهم، الذين أدركوا أنه في ظل وجود عدو مشترك يتربص بهم، لن يكتب لهم حياة كريمة، فعمدوا إلى معالجة خلافاتها بعقلانية.
وتابع أن "باب الحارة وضع اليد على الجرح، حينما قام أبناء الحارات بالقضاء أولا على مصدر الفتنة، الذي يعمل على ترسيخ الفرقة وإشعال الخلافات الوهمية بين الحارات تحقيقا لمصلحة المستعمر، قبل أن ينطلقوا من أجل محاربة العدو المشترك، وقد وضعوا يدهم بيد بعضهم".
وأضاف الإفرنجي أن "الاحتلال كان الأساس في وجود الفتنة التي أثارت المشاكل بين أبناء الحارات، فتبين العقلاء ذلك، وكانت المعركة الحاسمة بالقضاء على الفتنة لتعود الوحدة".
الأمنية ذاتها حملها الطالب الجامعي "علاء الحلو"، إذ أشار إلى أن الدراما لها القدرة على نقل صورة شبه نموذجية عن الواقع الذي يعيشه أفراد المجتمع، موضحا أن المسلسل صور الخلافات بين الحارات "التي تشبه الفصائل في فلسطين"، ومع ذلك صنع الوحدة بينهم حينما أدركوا أن الوحدة أكبر من أي خلاف بينهم.
وأردف قائلاً: "برغم العداء والخلافات التي كانت بين أبناء الحارات، فإنهم توحدوا، بينما الفلسطينيون رغم أنهم لا يحملون شيئا من الكراهية التي حملها أبناء الحارة لبعضهم، ومع ذلك لم يتوحدوا بعد".
أجواء مطلوبة للمصالحة
رغم الأمنيات بالوحدة التي تمنتها الموظفة "رشا سلمان"، حينما تابعت أحداث الحلقة الأخيرة من "باب الحارة 3"، إلا أنها رأت أن الخلافات الداخلية لا يمكن لها أن تحل من خلال باب الحارة.
وقالت، إن المسلسل كان مجرد دراما لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع، إلا أنها أشارت إلى أنها لا تزال تحمل الأمنيات بالوحدة الوطنية بين أبناء فلسطين، خاصة أن ما يوحدهم أكثر ما يجعلهم مختلفين.
بدوره، لمس الشاب "أحمد معروف" مدى الوحدة التي حدثت بين "سمعو" و"صبحي"، رغم الحزن والغضب الذي كان يحمله الأول تجاه الثاني، حينما علم أن والد صبحي هو قاتل أبيه، إلا أنه ألقى أحزانه وأحقاده الداخلية، تحت أقدام المصلحة العامة.